الرؤية الثقافية القومية راسخة في مؤسسات دولة الإمارات العربية المتحدة العريقة وحاضرة منذ البداية.
تجسيداً لرؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ناقش المجلس الاستشاري الوطني فكرة المركز الثقافي والمكتبة الوطنية في عام 1971، وهو العام الذي شهد إعلان تأسيس الدولة. نبعت فكرة المركز الثقافي من الحرص على التعريف بالفن والتراث وتعزيز مشاركة المجتمع في ثقافة الحوار المفتوح، وهو أمر لم يكن قد نشأ مع تأسيس المجمّع الثقافي فحسب، بل ظل موضوعاً دائماً منذ بدايته.
كانت خطة إنشاء المجمّع الثقافي على قدر كبير من الأهمية؛ ما جعلها تترسخ في الإطار القانوني الأصلي للدولة في ثاني قانون صدر على الإطلاق في الدولة، وهو القانون رقم 2 لسنة 1971.
كانت هذه الفكرة أكثر من مجرد أمنية، فقد جاءت بعد تفكير عميق مفاده أن قصر الحصن يقف شامخاً كمركز تاريخي وسياسي، ويشكل عصب ذاكرة الأمة التي تملكت "رأساً"، وهي الآن بحاجة إلى "قلب".
كان بحق يمثل قلب المدينة والمجتمع بأسره، إنه المجمّع الثقافي الذي كان الجميع يترقب إنشاؤه.
أصبح المجمّع الثقافي رمز التقدم والتطور الثقافي - أول مؤسسة مركزية تستضيف أنشطة ثقافية في الإمارات. بدأت الرؤية تؤتي ثمارها. وخلال فترة وجيزة، بات المجمّع معروفاً إقليمياً ودولياً بأنشطته الثقافية المتنوعة، بدءاً من الأنشطة الأدبية مروراً بالأنشطة المرئية وفنون الأداء، إلى جانب استضافته للفعاليات الثقافية.
كما ضم المجمّع كذلك المكتبة الوطنية ومؤسسة الثقافة والفنون.
أصبحت المكتبة الوطنية في أبوظبي أول مكتبة على هذا المستوى في الإمارات، وقد تم تجهيزها لتستوعب حوالي 68،000 مجلد شاملة المخطوطات والدوريات والمواد المسموعة والمرئية. وإلى جانب قسم الأرشيف شديد الحراسة والتأمين، تضم المكتبة الوطنية مكتبة للأطفال في الطابق الأرضي ومنطقة للألعاب وورشاً لتغليف الكتب وترميمها في الطابق الأرضي، كما بدأ المجمّع الثقافي عمله كدار نشر لدعم الكتّاب الإماراتيين والإقليميين.
وإلى جانب المكتبة الوطنية، ضم المجمّع الثقافي أيضاً المرسم الحر الذي قدم مجموعة متنوعة من دورات الفن البصري. وبالإضافة إلى الدورات الفنية، قدم مركز المواهب والإبداع دورات وأنشطة تختص بفنون الأداء شاملة فن الباليه والموسيقى.
كان أول مسرح أنشئ في المدينة هو ذلك المسرح الذي تأسس في المجمّع الثقافي، والذي كان يقدم بعض الفنون الكلاسيكية كالأوبرا والباليه إلى جانب الفنون التقليدية. كما يوفر المسرح الخارجي مكاناً ملائماً لعروض أداء الأطفال.
لقد مهدت بعض الفعاليات، مثل فعالية بيت العود وشاعر المليون، واستضافة العديد من الفنانين العالميين وفناني عروض الأداء، الطريق للمجمّع الثقافي لأن يرتقي سلم المجد والشهرة كأحد أهم المراكز الثقافية في المنطقة؛ فهو لا يقتصر على مدينة أبوظبي أو على دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل يتعداها إلى المنطقة والعالم.
وتسير الرؤية جنباً إلى جنب مع الفعل. فمنذ سنوات البدء الأولى التي ضمت حلماً بعمليات تطوير الدولة وحتى الإطار القانوني، ظلت رؤية المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه بعيدة المدى حية في النفوس من خلال سلسلة إجراءات كبيرة متصلة صنعت الحلم على أرض الواقع. ويقف المجمّع الثقافي شاهداً على بصيرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وتصميمه على صياغة المستقبل الثقافي الهادف لشعب الإمارات ليتخطى حدودها إلى بقية أنحاء العالم.